د. خالد بن سليمان الكندي، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان
الملخص
لا تُعَدّ أيّةُ فَرَضِيّةٍ نَظَريَّةً مقبولةً إلا إذا حَقَّقَتْ أربعة أمور: 1) الخلفية الفلسفية التي تنطلق منها، أو الإشكالية المعرفية التي تتأسس عليها ، 2) الجهاز المصطلحي والمفهومي الذي تعالج به قضاياها ، 3) الأعلام الذين يُمثِّلونها، وأعمالهم التي تُكوِّن رصيدها النقدي، 4)التطبيقات التي تدل على صلاحيتها. و مع إيماننا بضرورة تجديد النظرية النحوية العربية باعتبارها في النهاية اجتهادات بشرية- فإننا نُسلِّم لها أنها أثبتت قدرتها على التطبيق وحَقَّقَتْ الشروط الأربعة السابقة التي يجب على كل نظرية أن تُحقِّقها. ونرغب في بحثنا أن نقدِّم جانبًا مُهِمًّا من توظيف النحو لم يُعْطَ حقَّه في المناهج التربوية، وهو توظيف النحو في الأحكام الشرعية، وبيان أثر هذا التوظيف في تطوير النحو وتحبيبه إلى المتعلمين. وذلك لأن المناهج التربوية شُغِلت بحركات أواخر الكَلِم كثيرًا، والمعلوم أن قرينة علامة الإعراب ليست أهمّ من قرائن الإسناد والرتبة والجنس والعدد والتعيين ونحوها. وسينقسم اهتمامنا إلى جانبين: الأول: في المصنَّفات التي اعتنت بتخريج الفروع الفقهية على الفروع النحوية، وأثرها في توظيف النحو، وقيمة المحتوى الذي تقدّمه. الثاني: في تقديم نموذج لهذه المصنفات وهو كتاب "الكوكب الدري في كيفية تخريج الفروق الفقهية على المسائل النحوي" للإمام عبدالرحيم بن الحسن الإسنوي (ت 772هـ). وكلا الجانبين يهدف إلى لفت الانتباه إلى قيمة هذا النوع من التوظيف، والدعوة إلى إصلاح المناهج التربوية وتوجيهها إلى العناية بالجانب الوظيفي، وربط النحو بالشريعة لأنهما من مشكاة واحدة غايتها فهم القرآن ودراسة أحكامه.