التناصّ ولانهائيّة التدلال في الرواية "الكرنفال" لمحمد الباردي أنموذجا
د. دليلة شقرون،
قسم اللّغة العربيّة، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة صفاقس، تونس
الملخص
تتعلّق المقالة بسيميائيّة التناصّ(Intertextualité) في الرواية باعتبارها مائدة تلتقي فيها الفنون والأصوات وتتضافر فيها النصوص فهي حواريّة (Dialogique) بامتياز، وعلى التناصّ قراءةً مثلما نظّر إلى ذلك رفاّتار. فالقارئ هو الكفيل برصد ظاهرة التفاعل النصّي والتناصّيّ وهو المنوط بعهدته كشف المتناصّات. لكنّ العمل القرائيّ عماده على السيماناليز (Sémanalyse) أي التّحليل الدّلالي بعبارة جوليا كريستيفا. وهو نظام يعمل على إخراج مجموعة الأنظمة الدّلاليّة الخاصّة بالعلوم من عزلتها أو قل من صوتها الواحد. فالنّصّ باعتباره منتجا (produit) هو وليد تفاعل ملفوظات عديدة. والنّص باعتباره إنتاجيّــة (Productivité) يقوم على علاقة باللغة يفكّكها ويُعيد بناءها عبر عمليّة تحويل النّصّ الواحد إلى نصوص تدخل فيه على أساس التّناصّ. وتتولّد إنتاجيّة النصّ من تفاعل نصّين: الأوّل هو النصّ الظّاهر أو المنجَب (بالفتح) (phénotexte) وهو ما يظهر على الورق للعيان. فكلّ نصّ محكوم بثنائيّة المنجب والمنجَب بل قل إنّه محكوم ببنية مدلوله فالتّناصّ ليس محاكاة ولا إعادة إنتاج ، "ولكنّه حسب "كريستيفا" تحوير نسق أو عدد من أنساق العلامات إلى أخَر".فحثنا يتّصل بالتناصّ من جهة الدلالة أو بالتناصّ باعتباره نافذةً للتأويل السيميائيّ الدلاليّ وباعتباره يتعدّى التعدّد النصّيّ والخِطابيّ إلى التعدّد الدلاليّ. فكلّ عمل دلاليّ إنمّا يقوم على إنتاجيّة دالّة (productivité signifiante). ولعلّ خصوصيّة هذا العمل الدّلالي هي في ترجمة النصّ المنجِب في النّصّ المنجَب، وانفتاح النّصّ المنجَب على النّصّ المنجِب. إلاّ أنّ التوليد لا يمكن أن يولّد شيئا خارج ذاته، ويتمّ عبر طرق ثلاث، فإمّا عن طريق التّراكم (Accumulation) أو الإنماء للبـــــذور (croissance des germes) أو الإنبات (Germination). وأمّا إجراء ًفسنبحث في أنموذج يعبِّر عن حواريّة النصوص وعن طبقات لا نهائية من الدلالات. ففي النصّ الروائيّ "الكرنفال" للاديب التونسيّ محمّد الباردي والذي نشر سنة 2003 تتعدّد النصوص والأصوات والفنون وتتعدّد الحكايات أيضا والرواة والشخصيّات ومن ثم تتعدّد الدلالات التي تبقى على اتِّساعها مشدودة ًالى دلالة رحميّة قطب جامعة تربط الرواية بالسياق الثقافيّ والاجتماعيّ والإنسانيّ الوجوديّ ألا وهي دلالة التشوّه بمعناه الفلسفيّ والاجتماعيّ والقيَميّ والإنسانيّ. فالتشوّه الذي أصاب كلّ عناصر الكون الروائيّ مسّ جوهر الكيان فهو تشوّه دلاليّ، أيضا، وبالاساس. لذلك سنرصد عملياّت التفاعل اللسانيّ والنصّيّ اشتقاقا وتحويلا وتحويرا لنثبت لا نهائيّة التدلال في الرواية ولإبراز بذور الصنعة الروائيّة لدى الباردي التي لم تشذ ّعن طبيعة الرواية رغم كونها من باكورات أعماله.
الكلمات المفتاحية: التناصّ، رواية "الكرنفال"، محمد الباردي.